من هو الإنسان ؟ مما يتكون الإنسان ؟ مما تتكون نفسه مما يتكون عقله وكيف يعمل ؟ ولماذا هو الأفضل ؟ ولماذا يتقاتل الناس على الأرض ؟ ألا تكفي الجميع ؟ ولماذا يحاول الإنسان أن يغير من طبيعته الحقيقية أمام الناس ويظهر خلاف ما يبطن من أخلاق وطبائع ومشاعر وأحاسيس ؟ كيف يشعر الإنسان ؟ ومن أين يخرج الشعور ؟ ولماذا يختلف شعور الإنسان تبعا لاختلاف الحالات هل هو سر الإنسان أنه يشعر ؟ وهل تلك ميزته التي بها ميز أم أنه ميز بكونه يفكر ؟ فهناك الكثير من الكائنات بل أجزم أن كل الكائنات تفكر حتى تلك التي نتهمها بالغباء تفكر كذلك ولكن المستوى الفكري متفاوت إذا ما هو سر الإنسان ؟؟
ما هو كنزه ؟ ما هي زبدته ؟ ما هي خلاصته ؟ ...
بحر زاخر عظيم الشأن تركيبة عجيبة من الكائنات أبدعها العلام سبحانه الإنسان جملة من المشاعر ، الإنسان مجموعة أفكار " الإنسان لمحة إبداع " الإنسان متقلب الأحوال " الإنسان منتهى الذكاء " الإنسان منتهى الغباء والشذوذ " الإنسان خليط غريب من المتناقضات " الإنسان كائن لا تعرف نفسه الاستقرار في تلك الدار لأنها دوما تحن لمستقرها الأصلي التي فيها خلقت ومنها خرجت "
، أكاد أتفق والرأي الذي يقول بأن تلك الكائنات تفوق الملائكة فضلا ما التزمت شريعته سبحانه ، وكيف لا وقد وضعت في محك صعب واختبار كبير الناجحون فيه قليل أما الأجسام النورانية فقد جبلت على الطاعة لا تحيد ولا تجاوز .
أما ذلك المخلوق فقد رمي في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض وقد سارت سفينة النور يراها الجميع من سبح نحوها وتعلق بها نجى ومن لم يفعل فقد هلك ، هكذا هو الأمر فمن لم يجعل الله له نورا فماله من نور ، إذا من المبتلى ومن صاحب الاختبار الأكبر ، هو المخلوق العجيب الغريب من فضله الله وجعله خليفته .
ويبقى السؤال الكبير قائما ما هو سر الإنسان ؟؟؟


____________________________________________________________________________________________________________________________________
سر الإنسان (قصة قصيرة)
*************************************

جلست أرقب لوحة غروب الشمس عند شاطئ البحر، فهالني منظر احتضان صفحة الماء الأزرق اللامتناهي للجمرة الحمراء الهائلة، والحمرة تغمرني سرحت أفكر في أمر عالمنا المنكوب، وقلبي يطفح ألما وحسرة، ساءلت نفسي المنبهرة بروعة هذه اللوحة التي تتكرر كل مساء دون أن يستخلص منها الإنسان عبرة روعة هذا الكوكب وجماله.

- ماذا يقع الآن بحق السماء، ما هذا البلاء، وأي مصيبة هذه التي حلت بنا في هذا الزمن المقيت، هل هذه هي قمة ما وصلت إليه الحضارة البشرية، أم أن للقضية سرا آخر؟.

كم هي جميلة لوحة الغروب التي أراها الآن أمامي منتصبة مكتملة، لا ينقصها سوى أن يتوقف الزمن لبرهة حتى أتمكن من الاستمتاع بها قدر الإمكان. هيهات!!! عقارب كل الساعات، تشير إلى أن الزمن حين يأتي المساء، فنان لا يتقن وضع اللمسات، بل يكتفي بإسدال ستارة سوداء.

سألت نفسي التي حاصرتها الظلمة من كل جانب:

- أين هي إنسانية الإنسان، أين هي مثله العليا، أين هو صوت الفضيلة، أين هو الحق في الحياة الذي تمنحه الطبيعة بسخاء لكل من يحمل صفة الإنسان، مهما كان لونه وجنسه وعرقه واعتقاده، هل الأقوياء هم وحدهم الجديرون بالحياة، وبعدهم فليكن الطوفان؟

آه..كم صرت أكره هذا العصر المرشوش بالشر المرصع بالموت والدمار. اتجهت بتثاقل صوب ضوء المدينة المتراقص كشموع مبثوثة في رأس شمعدان ضخم، قلت في نفسي وصور المجازر البشعة التي ترتكب يوميا في مشرق الأرض هذه الأيام.

- ما هو سر هذا الذي يأتي وبدون رحمة على البشر والشجر والحجر؟

فجأة، تحولت تساؤلاتي إلى مسلمات أنتجها يأسي وألمي العميقين من تكرر مشاهد الرعب والذعر والبشاعة، أيقنت حينها أن الإنسانية اختفت وانقرضت ولم يبق منها سوى الشبه في الشكل والهندام لكائن كان اسمه الإنسان، لقد صرنا في غابة تملؤها وحوش أنيقة، لكنها أكثر فتكا ببعضها البعض، لا مكان بينها للضعيف أبدا. متى كان قانون الغاب رحيما بالضعفاء، أليس بمقتضى باب تنازع البقاء يحكم عليهم بالموت والتنحي أمام القوة والبطش، فيا ليت شعري ماذا تملك الطرائد المغلوبة أمام فتك السباع والضباع؟
وأنا أقترب من الشارع الرئيسي للمدينة حيث يرتفع زئير محركات السيارات، رأيت الناس يهرولون في كل الاتجاهات لا يلوون، عيونهم زائغة وقلوبهم واهية، وعلى وجوههم مسحة من الحزن غامضة، يتحركون في كل الاتجاهات وكأنهم دجاج في قفص ينتفض فزعا ودعرا من أن يقع في قبضة بائع الدجاج، تساءلت بحرقة:
- هل طفت حيوانية الإنسان وغرائزه لتطمس تنوره وتعقله؟ ألهذا السبب كان يصيح سعد المخبول في وجوه أهل حينا بأصوات الحيوانات التي كان يرى أنها تناسب قسمات وجوههم؟

لسوء الحظ، لم يكتب لهذه النظرية العجيبة في أصل خلقة الإنسان الحيوانية أن تنتشر، لأن صاحبها كان أحمقا فاقدا لعقله، فخلقة البشر حسب جنونه منسوخة عن صور الحيوان المتنوعة والعجيبة بما في ذلك أسماك البحر ووحوشه، كان يضايق سكان الحي كثيرا بمواجهته لهم بصورهم الحيوانية كما كانت توحي له بها بنات أفكاره، ولم يسبق أن عجز أمام وجه من الوجوه، فلكل خلقة تفسيرها وأصلها.
لقد ساءني كثيرا لما نهق في وجهي عند رؤيته لي، لكنني أيقنت فيما بعد أن من يحاول أن يفهم أكثر مما يجب لا يمكن أن يكون سوى حمار بأذنين كبيريتن.
هذا عن الصفات فماذا عن الأفعال؟ نعم، ففي أفعال الإنسان شيء من الحيوانية، ألم يعرفه أرسطو قبل الميلاد بالحيوان السياسي، وعرفه ابن خلدون في العصر الوسيط بالحيوان الاجتماعي ومما لا شك فيه أنه انحدر واندحر ليصير في العصر الحديث مجرد حيوان.
هل لهذا السبب يعد البشر مصدر كل البلاء في هذه الأرض؟ سألت أحد العارفين عن معنى لفظة "البشر" لعلني أجد فيها شيئا يبعد شبهة الحيوان عن الإنسان، لكنني فوجئت لما عرفت أنها تعني "أَلَّبَ الشَّرْ" وكي يسهل استعمالها كلفظة لغوية اختزلت في لفظة "أَلـْبَشَرْ" إنها لفظة فريدة تشهد على شراسة الإنسان وسوءه، وحجة دامغة على أن الأمر يتعلق بصانع الشر في هذا العالم، أليس هو مكتشف النار والحرق اللذان سيكونان نهاية هذا الكون لأنه لا حيلة معهما.
ولن تستغرب إذا قلت لك أن بنو آدم عاشقين للدم المسفوك، لأنه وكما يقولون لا يعتبر الرجل عندهم جديرا إلا إذا شق طريقه بالدم، لقد فسر عالم آشوري خبير بخبايا النفس الإنسانية كان لي حظ الجلوس في إحدى حلقاته، أن آدم كانت تنطق في البدء "يَا دَمْ" طلبا للمزيد من الدم، والفتك، والبطش، وكيف لا وهو مخترع القتل والدفن منذ الأزل.

تعال إذن أعدد لك منجزات دميم الأفعال هذا، لتقف معي على أنه من طينة الحيوان!!!

لقد قام وجه الضبع بالتهام أسرة الرجال الحمر عن آخرها، وساق عديم الضمير قطعان السود للبيع في سوق النخاسة الدولية واستعبدهم وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا، واكتسح المارد الأبيض جنوب الأرض استعلاء واستكبارا، وأشعل عاشق الدم فتيل حروب طاحنة سقط ضحيتها ما لا يعد ولا يحصى، وأقام الصقر الجارح حفلتي شواء عظيمتين بلحم الجنس الأصفر لم يشهد التاريخ مثلهما لا قديما ولا حديثا، وعمل الجاحد على جعل أسطورة أرض الميعاد حقيقة وسعى إلى سلخ هوية المدينة المقدسة، ودمر الدينصور حضارة دجلة والفرات للمرة الثانية، وحاول المتغطرس سلب بسمة لبنان عروسة البحر الأبيض المتوسط الأزلية، وعاث المفسد في الأرض تخريبا وتدميرا، وأحدث المتهور ثقبا هائلا في مشيمة الأرض، صمام حياتنا ووقاؤنا الوحيد من سموم الفضاء التي لا تعد ولا تحصى السائلة منها والصلبة.

حــــــــــــــــقأ سبحان الخالق